شكرا ..
رسمتي .. جزاك الله الف خير
عرض للطباعة
شكرا ..
رسمتي .. جزاك الله الف خير
جزيت خير الجزاء .. اختي
الله يحفظك اختي وجزاك الله الف خير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأول والآخر ،والظاهر والباطن
وقد وردت هذه الأسماء الأربعة مجتمعة في موضع واحد من القرآن الكريم ،قال الله تعالى :{ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }وخير ما تفسر به هذه الأسماء الحسنى ويبين به معناها ما ورد في السنة النبوية في مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم لربه بهذه الأسماء مناجاة تتضمن بيان معاني هذه الأسماء وتوضيح مدلولاتها.
روى مسلم في (صحيحه) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا أخذنا مضجعنا أن نقول : (اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم ، ربنا ورب كل شيء ،فالق الحَبّ والنوى ،ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان ،أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته ،اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء،وأنت الآخر فليس بعدك شيء و،وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ،وأنت الباطن فليس دونك شيء،اقضِ عنا الدين وأغننا من الفقر )
فبيّن عليه الصلاة والسلام في هذا الدعاء الجامع معنى كل اسم ونفى ما يناقضه ،وهذا أعلى درجات البيان .
من مختصر فقه الأسماء الحسنى للشيخ عبد الرزاق البدر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحكيم
وقد ورد اسم الله (الحكيم ) في القرآن الكريم ما يقرب من مائة مرة ،قال تعالى :{ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ }،{ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }.
وهذا الاسم العظيم دال على ثبوت كمال الحكم لله وكمال الحكمة ،أما كمال الحكمة فبثبوت الحكمة له سبحانه في خلقه وفي أمره وشرعه ،حيث يضع الأشياء مواضعها وينزلها منازلها ،ولا يتوجه إليه سؤال ولا يقدح في حكمته مقال.
وأمّا كمال الحكم فبثبوت أن الحكم لله وحده يحكم بين عباده بما يشاء ،ويقضي فيهم بما يريد ،لا رادّ لحكمه ،ولا معقّب لقضائه ،قال تعالى :{ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ }،وقال تعالى :{ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَات وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً }،وليس لأحد أن يراجع الله في حكمه كما يراجع الناس بعضهم بعضا في أحكامهم ،قال تعالى :{ وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } فحكمه في خلقه نافذ لا رادّ له .
وثبوت الحكم له سبحانه يتضمن ثبوت جميع الأسماء الحسنى والصفات العليا؛لأنه لا يكون حكمًا إلا سميعًا بصيرًا عليمًا خبيرًا متكلمًا مدبرا ،إلى غير ذلك من الأسماء والصفات .
من مختصر فقه الأسماء الحسنى للشيخ عبد الرزاق البدر
وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً
لا اله الا الله
جزاك الله الف خير الجزاء غاليتي وجعلها في موازين اعمالك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الغني
وقد ورد هذا الاسم في ثمانية عشر موضعًا من القرآن ،قال تعالى :{ وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ } ،وقال تعالى :{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }.
فهو تبارك وتعالى الغني بذاته ،الذي له الغنى التام المطلق من جميع الوجوه والاعتبارات ،لكماله وكمال صفاته التي لا يتطرق إليها نقص بوجه من الوجوه .
ومن كمال غناه أنه لا تنفعه طاعة الطائعين،ولا تضره معصية العاصين ،فلو آمن أهل الأرض كلهم جميعا ما زاد ذلك في ملكه شيئا،ولو كفروا جميعا لم ينقص ذلك من ملكه شيئا .
فمن عرف ربه بهذا الوصف العظيم عرف نفسه،من عرف ربه بالغنى المطلق عرف نفسه بالفقر المطلق ،ومن عرف ربه بالقدرة التامة عرف نفسه بالعجز التام ،ومن عرف ربه بالعز التام عرف نفسه بالمسكنة التامة ،ومن عرف ربه بالعلم التام والحكمة عرف نفسه بالجهل ،وعلم العبد بافتقاره إلى الله الذي هو ثمرة هذه المعرفة هو عنوان سعادة العبد وفلاحه في الدنيا والآخرة .
من مختصر فقه الأسماء الحسنى للشيخ عبد الرزاق البدر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
القدوس ،السبوح
أما اسمه تبارك وتعالى (القدوس)فقد ورد في القرآن مرتين :قال تعالى :{ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ }،وقال تعالى :{ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }.
وأما (السبوح)فقد ورد في السنة ،وذلك فيما رواه مسلم في ((صحيحه)) عن أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها- ،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: ( سبوح قدوس رب الملائكة والروح ) .
وقد جمع عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث بين التسبيح والتقديس كما جُمع بينهما في قوله تعالى في ذكر تسبيح الملائكة وتقديسهم لله:{ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ } .
وينبغي أن يعلم هنا أن تسبيح الله وتقديسه إنما يكون بتبرئة الله وتنزيهه عن كل سوء وعيب، مع إثبات المحامد ،وصفات الكمال له سبحانه على الوجه اللائق به .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- : (والأمر بتسبيحه يقتضي تنزيهه عن كل عيب وسوء ،وإثبات المحامد التي يحمد عليها ،فيقتضي ذلك تنزيهه وتحميده وتكبيره و توحيده).
وبه يعلم أن ما يفعله المعطلة من أهل البدع من تعطيل للصفات وعدم إثبات لها وجحد لحقائقها ومعانيها بحجة أنهم يسبحون الله وينزهونه فهو في الحقيقة ليس من التسبيح والتقديس في شيء ،بل هو إنكار وجحود ،وضلال وبهتان .
قال ابن رجب –رحمه الله –في معنى قوله تعالى :{ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } (أي:سبحه بما حمد به نفسه ،إذ ليس كل تسبيح بمحمود ،كما أن تسبيح المعتزلة يقتضي تعطيل كثير من الصفات ).
فقوله رحمه الله : (إذ ليس كل تسبيح بمحمود) كلام في غاية الأهمية ،إذ أن تسبيح الله بإنكار صفاته وجحدها وعدم إثباتها أمر لا يحمد عليه فاعله ،بل يُذم غاية الذم ،ولا يكون بذلك من المسبحين بحمد الله ، بل يكون من المعطلين المنكرين الجاحدين ،من الذين نزه الله نفسه عن قولهم وتعطيلهم بقوله :{ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ *وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ *وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }،فسبح الله نفسه عما وصفه به المخالفون للرسل ،وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه في حق الله من النقص والعيب.
من مختصر فقه الأسماء الحسنى للشيخ عبد الرزاق البدر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسم الله (السلام )
وهو اسم ورد في القرآن الكريم مرة واحدة في قول الله تعالى :{ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ }
ومعنى هذا الاسم الكريم أي: السلام من جميع العيوب والنقائص ،لكماله في ذاته وصفاته وأفعاله ،فهو جل وعلا السلام الحق بكل اعتبار ،سلامٌ في ذاته عن كل عيب ونقص يتخيله وهم،وسلام في صفاته من كل عيب ونقص،وسلام في أفعاله من كل عيب ونقص وشر وظلم وفعل واقع على غير وجه الحكمة ،وهو سبحانه السلام من الصاحبة والولد،والسلام من النظير والكفء والسميّ والمماثل، والسلام من النّد والشريك .
وهو اسم يتناول جميع صفات الله تعالى ،فكل صفة من صفاته جل وعلا سلام من كل عيب ونقص،وقد فصّل هذا الأمر وبيّنه ابن القيم بتقرير وافٍ وبسّطه بكلام رصين متين،ثم ختمه بقوله : ( فتأمَّل كيف تضمّن اسمه (السَّلام) كل ما نُزِّه عنه تبارك وتعالى ،وكم ممن حفظ هذا الاسم لا يدري ما تضمنه من هذه الأسرار والمعاني).
من مختصر فقه الأسماء الحسنى للشيخ عبد الرزاق البدر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحميد
وقد تكرر ورود هذا الاسم في القرآن الكريم سبع عشرة مرة ،قال الله تعالى :{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } ،وقال تعالى :{ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ }،ومعنى الحميد:أي الذي له الحمد كله ،المحمود في ذاته وأسمائه وصفاته ،فله من الأسماء أحسنها ،ومن الصفات أكملها ،فالحمد أوسع الصفات وأعم المدائح،وأعظم الثناء ؛لأن جميع أسماء الله تبارك وتعالى حمد ،وصفاته حمد ،وأفعاله حمد ،وأحكامه حمد ،وعدله حمد،وانتقامه من أعدائه حمد ،وفضله وإحسانه إلى أوليائه حمد ،والخلق والأمر إنما قام بحمده ووجد بحمده وظهر بحمده ،وكان الغاية منه هي حمده ،فحمده سبحانه سبب ذلك وغايته ومظهره ، فحمده روح كل شيء ،وقيام كل شيء بحمده،وسريان حمده في الموجودات وظهور آثاره أمر مشهود بالبصائر والأبصار.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله -: (والحمد نوعان :حمد على إحسانه إلى عباده،وهو من الشكر.وحمد لما يستحقه هو بنفسه من نعوت كماله ،وهذا الحمد لا يكون إلا لمن هو متصف بصفات الكمال ).
والله تعالى قد افتتح كتابه بالحمد ،وافتتح بعض سور القرآن بالحمد ،وافتتح خلقه بالحمد واختتمه بالحمد ،فله الحمد أولًا و آخرًا،وله الشكر ظاهرًا وباطنًا ،وهو الحميد المجيد.
المجيد
وهو اسم عظيم ورد في كتاب الله في موضعين :قوله تعالى :{ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ }،وقوله تعالى :{ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ }
برفع(المجيد )،وقد قرئ (المجيد) بالرفع نعتًا لله عز و جل ،وبالجر نعتًا للعرش.
وهو من الأسماء الحسنى الدالة على أوصاف عديدة لا على معنى مفرد.
ومعناه :واسع الصفات عظيمها ،كثير النعوت كريمها ،فالمجيد يرجع إلى عظمة أوصافه وكثرتها وسعتها، وإلى عظمة ملكه وسلطانه، وإلى تفرده بالكمال المطلق والجلال المطلق والجمال المطلق،الذي لا يمكن العباد أن يحيطوا بشيء من ذلك.
والله عز و جل مجّد نفسه في كتابه في آيات عديدة ،بل إن القرآن الكريم كله كتاب تمجيد وتعظيم لله عز و جل،لا تخلو آية من القرآن من ذكر شيء من أسماء الله الحسنى وصفاته العليا ،و أفعاله الحكيمة ، و أعظم آي القرآن هي التي اشتملت على ذلك ،فآية الكرسي التي هي أعظم آية في القرآن الكريم فيها من أسماء الله الحسنى خمسة أسماء،وفيها من صفات الله ما يزيد على العشرين صفة ،وسورة الإخلاص التي تعدل ثلث القرآن أخلصت لبيان أسماء الله الحسنى وصفاته العظيمة ،وسورة الفاتحة التي هي أعظم سورة في القرآن الكريم نصفها ثناء على الله وتمجيد.
روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (قال الله تعالى :قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين،ولعبدي ما سأل ،فإذا قال العبد :الحمد لله رب العالمين ،قال الله تعالى :حمدني عبدي،وإذا قال الرحمن الرحيم ،قال الله تعالى :أثنى عليّ عبدي،وإذا قال :مالك يوم الدين ،قال الله تعالى :مجدني عبدي ).
من مختصر فقه الأسماء الحسنى للشيخ عبد الرزاق البدر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشكور، الشاكر
وقد ورد اسم الله (الشكور)في أربعة مواضع من القرآن .
قال الله تعالى :{ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ }، وقال تعالى :{ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ }،وقال تعالى :{ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ }،وقال تعالى :{ إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ }.
وورد الشاكر في موضعين:
قال تعالى :{ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ }،وقال تعالى :{ مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً}.
وجميع هذه المواضع الستة التي ورد فيها هذان الاسمان مواضع امتنان من الله عز و جل بإثابة المطيعين ،وتوفية الأجور،والزيادة من الفضل،والمضاعفة للثواب ،وهذا مما يبين لنا معنى هذين الاسمين ،وأن الشكور الشاكر: هو الذي لا يضيع عنده عمل عامل ،بل يضاعف الأجر بلا حسبان ،الذي يقبل اليسير من العمل ،ويثيب عليه الثواب الكثير والعطاء الجزيل،والنوال الواسع،الذي يضاعف للمخلصين أعمالهم بغير حساب،ويشكر الشاكرين ،ويذكر الذاكرين ، ومن تقرّب إليه شبرًا تقرّب إليه ذراعًا ،ومن تقرّب إليه ذراعًا تقرّب إليه باعًا ،ومن جاءه بالحسنة زاد له فيها حسنى ، وآتاه من لدنه أجرًا عظيما.
وفي الآيات المتقدمة جمع بين الشكور والغفور ،فهو سبحانه غفور للذنوب كلها مهما عظمت فلا يتعاظمه ذنبٌ أن يغفره ،الشكور لكل عمل وإن قلَّ وإن كان مثقال ذرة ،ولهذا لا يجوز للمسلم أن يقنط من غفران الله للذنوب مهما عظمت،كما لا يجوز له أن يحقر من أعمال البر شيئًا مهما قلّت ؛فإن الرب سبحانه غفور شكور.
من مختصر فقه الأسماء الحسنى للشيخ عبد الرزاق البدر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحليم
وهو اسم تكرر وروده في القرآن الكريم في عدة مواضع ،قال الله تعالى :{ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً } ،وقال تعالى :{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً }.
ومعناه:أي:الذي لا يعجل على عباده بعقوبتهم على ذنوبهم ومعاصيهم ،يرى عباده وهم يكفرون به ويعصونه ،وهو يحلم عليهم فيؤخر وينظر ويؤجل ولا يعجل،ويوالي النعم عليهم مع معاصيهم وكثرة ذنوبهم وزلاتهم ،فيحلم عن مقابلة العاصين بعصيانهم ،ويمهلهم كي يتوبوا ،ولا يعاجلهم بالعقوبة كي يُنيبوا ويرجعوا.
وقد أخبر سبحانه عن حلمه بأهل المعاصي والذنوب وأنواع الظلم وأنه لو كان يؤاخذهم بذنوبهم أولًا بأول لما أبقى على ظهر الأرض من دابة ،كما قال سبحانه :{ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }،وقال تعالى :{ وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً}.
فمع ما يكون منهم من شرك به سبحانه ووقوع في مساخطه ،واجتهاد في مخالفته ومحاربة دينه ،ومعاداة لأوليائه يحلم عليهم ، ويسوق إليهم أنواع الطيّبات ،ويرزقهم ويعافيهم ،كما في (الصحيحين ) من حديث أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (ليس أحدٌ أو ليس شيءٌ أصبر على أذى سمعه من الله ،إنّهم ليدّعون له ولدا ،وإنه ليعافيهم ويرزقهم )
ومن حلمه سبحانه بأصحاب الأخدود قوله تعالى :{ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ }.
قال الحسن البصري –رحمه الله -: (انظروا إلى هذا الكرم والجود ،قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة ).
من مختصر فقه الأسماء الحسنى للشيخ عبد الرزاق البدر